الاثنين، 10 أكتوبر 2011

لوحة العشاء الأخير






العشـاء الأخيــر
للفنان الإيطــالي ليــونــاردو دافـنـشـي
أصبحت هذه اللوحة واحدة من اشهر الأعمال الفنية في العالم بعد وقت قليل من إتمامها في العام 1498. ولم تفقد شيئا من ذلك البريق والوهج والشهرة حتى اليوم. وبالرغم من تغيّر الأذواق والأساليب الفنية، والتدهور الفيزيائي السريع الذي حلّ باللوحة، فإن مكانتها باعتبارها إبداعا استثنائيا لم تكن أبدا عرضة للشكّ أو التساؤل.
وأهمية "العشاء الأخير" لا تكمن فقط في الخصائص الفنية للوحة وانما في تفوّق دافنشي التعبيري. واللوحة هي تمثيل صوري بليغ للحدث الأكثر أهمية في تاريخ المسيحية. وليس هناك لوحة أخرى عن هذا الموضوع استطاعت أن تثير خيال الناس بمثل ما فعلته تحفة دافنشي هذه.
وهناك طبعات ونسخ كثيرة من اللوحة تزيّن البيوت ودور العبادة والمتاحف عبر العالم. ومع ذلك فإننا عندما نتذكّر قصّة العشاء الأخير للمسيح فإن أذهاننا تتحوّل تلقائيا إلى دافنشي ولوحته الفريدة.
هذه اللوحة كانت مثار اهتمام الكثيرين أيضا بسبب عمليات الترميم التي أجريت عليها منذ إنجازها في القرن الخامس عشر. وآخر عمليات الترميم تلك استمرّت عشرين عاما وكانت موضع جدل كبير.
واللوحة التي بقيت بعد تلك الترميمات يقال أنها "أعيد رسمها" وليس "ترميمها". ورغم أن الترميم قد يكون "عدّل" اللوحة إلى درجة ما فانه أطال عمرها لكي يمكن للأجيال القادمة أن تراها وتقدّر الإبداع المبذول فيها.
يذكر في هذا الصدد أن اللوحة نجت بمعجزة من قصف قوات الحلفاء لروما في العام 1943.
رسم دافنشي اللوحة بناءً على طلب دوق ميلانو الذي كان يريد من الفنان رسم تلك الواقعة التاريخية المهمة، وعمل دافنشي على اللوحة حوالي 18 سنة، وقد رسمها في غرفة الطعام في دير سانتا ماريا.
استخدمت اللوحة في الكثير من الإعلانات التجارية والمواد المكتوبة. ولو كان دافنشي ما يزال حيا إلى اليوم لكان قد كسب البلايين من وراء هذه اللوحة وربّما لكان الفنان الأغلى في العالم الآن.
العشاء الأخير تصوّر المسيح جالسا على المائدة مع حوارييه الـ 12 الذين يظهرون بهيئة بشرية بسيطة فهم يتصرّفون وينفعلون مثل الناس العاديين.
وهناك نقطة مهمة جدا في هذه اللوحة تتعلق بالمنظور الفني الذي اتبعه الفنان بشكل إعجازي في رسم عناصر اللوحة. فكل عنصر فيها يوجه اهتمام الناظر مباشرة إلى وسطها، أي إلى رأس السيد المسيح نفسه. ويقال إن العشاء الأخير هي اعظم مثال تم إبداعه عن منظور النقطة الواحدة.
في الليلة التي سبقت خيانة المسيح من قبل أحد اتباعه، جمعهم للطعام واخبرهم بما سيحدث. واللوحة تحكي عن تلك الثواني القليلة من القصة أي بعد أن ألقى المسيح على الحواريين مفاجأته الصاعقة بأن أحدهم سيخونه قبيل شروق الشمس.
واللوحة تكشف بوضوح عن ردود فعل الحواريين التي كانت مزيجا من الرعب والصدمة والغضب.
بالإضافة إلى المسيح نفسه، فإن الشخصية المحورية في اللوحة هي شخصية يهودا المتآمر "الخامس من اليسار" ، وقد تعمّد دافنشي رسم وجهه في الظل، بينما بدا خلف يهودا مباشرة بطرس بلحية بيضاء ووجه غاضب متحدّثا إلى يوحنّا المعمدان الذي يظهر بملامح أنثوية بينما يميل برأسه ليستمع إلى بطرس.
الشخص الوحيد في الغرفة الذي يبدو وجهه هادئا هو المسيح نفسه.
يقال أن دافنشي نجح كثيرا في تصوير الانفعالات الدقيقة على وجوه الشخصيات بفضل الساعات الطوال التي قضاها في دراسة التشريح، وهذا بالذات هو ما يميّز "العشاء الأخير" عن عشرات اللوحات الأخرى التي تناولت نفس القصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق